زيارة القبور
وعلاقته بالشرك والتكفير
من الممكن للوهلة الاولى ان يكون السؤال بسيطاً جدا عن مشروعية زيارة القبور وجوابه ان اذا التزم المسلم ذكرا كان ام انثى بآداب الزيارة فهي مستحبة وإلا كان مكروها
فالقضية بسيطة وواضحة ، ولكن حين نرى ان اناس من المسلمين يذبحون ويقتلون ويتم تفجير مسجد بمن فيه من المسلمين بسبب ان المسجد يحتوى في داخله على قبر لاحد الانبياء او الاولياء ، هنا تأخذ القضية منحى عقائدي لانه من خلاله يتم تكفير المسلم وإخراجه من دين الاسلام واتهامه بالشرك الجلي ومن ثم قتله فقط لانه متهم بانه يزور القبور ويتبرك بالقبر او يستعين او يستغيث بصاحب القبر وطبعا من يتصدر هذا النهج هم السلفية الوهابية ومن تفريعاتها داعش والتي تقوم بتفجير بيوت الله وقتل المسلمين داخلها بتهمة انهم مشركين ويعبدون القبور ويتوسلون اليها ويطلبون العون والمدد منها
وغالبا ما يكون المسلمين الضحايا للتفجيرات في المساجد هم من الصوفية واتباع المدارس الروحية ومن اهمها النقشبندية و المولوية و القادرية والرفاعية والشاذليه والدسوقيه والبدوية وغيرهم كثير كلهم سواقي وانهار تصب في بحر التصوف والاعتناء بصفاء القلب من الشوائب والماديات الدنيوية
ولكن اذا رجعنا الى اصل المشكلة وهي التكفير لهؤلاءة المسلمين وهم بمئات الملايين في العالم وسألنا لماذا كل هذا التكفير والاتهام بالشرك واباحة دمائهم واموالهم واعراضهم وعلى ماذا يستندون في فتاواهم التكفيرية
لكي نفهم اصل المشكلة علينا ان نعلم ان المسلمين منقسمين الى مدارس عقائدية وهم الاشاعرة والمعتزلة من جمهور اهل السنة ومذهبهم الفقهي هو الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي
وطرقهم في التصوف مستمدة من الاقطاب الاربعة مابين القرن الخامس الى السابع الهجري وهم الرفاعية نسبة للامام احمد بن علي الرفاعي والعلية القادرية نسبة للامام عبدالقادر الجيلاني والاحمدية نسبة للامام احمد البدوي والدسوقية نسبة للامام ابراهيم الدسوقي
ومدرسة اهل البيت وهم من الشيعة ومذهبهم الجعفري من الناحية الفقهية وطريقهم في التصوف هو العرفان و يأخذون كغيرهم من السنة في تصوفهم من اهم رموز و اساطيل التصوف مثل جلال الدين الرومي وابن عربي وغيرهم
واذا عدنا لمسألة تكفير السلفية للصوفية واتهامهم بالشرك وعبادة القبور فيمكن القول ان هذه الخصومة والتكفير لها اصل في صدر الاسلام وهذا حديث ابو ايوب الانصاري وهو صحابي جليل كان في زيارة لقبر الرسول ( ص ) وقد وضع وجهه على القبر فجاءه مروان ابن الحكم مستنكراً فعله ومتهماً اياه بالشرك
والرواية في مسند الامام احمد بن حنبل في الجزء ال١٧ الصفحة ٢٤ رقم الرواية٢٣٤٧٦ وتقول الرواية حدثنا عبد الملك بن عمرو عن كثير بن زيد عن داوود بن ابي صالح قال ( اقبل مروان بن الحكم يوما ، فوجد رجلاً واضعا وجهه على القبر ، فقال اتدري ما تصنع فاقبل عليه فإذا هو ابو ايوب فقال نعم جئت رسول الله ( ص ) ولم آت الحجر ، سمعت رسول الله (ص) يقول لاتبكوا على الدين اذا وليه أهله ، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير اهله)
من هنا نعرف جيدا ان في صدر الاسلام كان هناك فريق يتبنى هذا الفكر بكفير كل من يزور القبر حتى وان كان قبر رسول الله بدعوى انه ميت وانه لا ينفع ولايضر وانه لايجوز الكلام مع صاحب القبر ولا ان يسأل الله ويتوجه اليه ويجعله وسلية
وللعلم فإن ابو ايوب صحابي وعالم بالدين فضلا عن ان النبي كان في ضيافته عندما هاجر للمدينة وقد روى عن النبي احاديث كثيرة وكل الصحابة يعلمون قدره وافنى عمره الشريف في خدمة الاسلام واستشهد وهو في اخر ايام عمره وهو في الجهاد ورغم كل مناقبه جاءه مروان بن الحكم الذي كان قد امسك بزمام السلطة وفرض هيبته على المسلمين بالمكر والبطش ومن هنا جاء كلام ابو ايوب الانصاري ( رض) حينما قال جئت رسول الله (ص) يعني انا اعلم انك تتهمني بانني اقدس الحجر ولكني لست كذلك انا في حضرة النبي واشعر به على عكس ما تؤمن انه ميت وفاني ولذلك قال حديث رسول الله ابكوا على الدين اذا وليه غير اهله يقصد به مروان بن الحكم
فمن المعلوم ان رسول الله ( ص )
واذكر حديثاً في كتاب الاحاديث المختارة للامام الحنبلي المقدسي في الجزء ٤ في الصفحة ١٠٥ يقول
حدثنا محمد بن اسحاق عن صالح بن كيسان عن عبيدالله بن عبدالله قال ( رأيت أسامة بن زيد مضطجعا على باب حجرة عائشة رافعا عقيرته يتغنى ورأيته يصلي عند قبر النبي (ص) فمر به مروان فقال اتصلي عند قبره يا ابن اخ فقال له قولا قبيحاً ثم ادبر ، فانصرف اسامة ، فقال له يامروان انك فاحش متفحش واني سمعت رسول الله يقول ان الله يبغض الفاحش و المتفحش ، وانك فاحش متفحش)
لو تمعنا فقط في كلمة مروان عندما يقول اتصلي عند قبره نرى انه من الواضح ان ارجاع الضمير فيه تصغير وكأنه لايعلم انه قبر رسول الله فيقول بكل وقاحة عند قبره دون يذكر اسم رسول الله (ص)
هذا هو مروان وفريقه ممن اسس للنظرية تكفير كل من يزور القبور حتى وان كان قبر رسول الله ( ص)
ومن اكثر العلماء الذين اسسوا لهذا النهج وبنوا على اساسها نظرية التكفير واكثرهم اصداراً لفتاوى التكفير والحرمة لزيارة القبور وحتى لقبر النبي والنهي عن التبرك به او الصلاة عنده او الدعاء في حضرته او التوسل به (ص)
وهو امام السلفية والوهابيه ( ابن تيمية ) الذي يحلو لاتباعه من الوهابيه ان يسموه بشيخ الاسلام
ابن تيمية جعل من امثال مروان ابن الحكم وامثاله قدوة في عقيدته
هذه العقيدة التي لاتمس للاسلام في شيئ وان شاء الله سوف نبين في البحث القادم عقيدة النهج السلفي القائم على التكفير والتنقيص والتجسيم لذات الله المقدسة والتنقيص لمقام النبي (ص) وبغض اهل بيته
ولذلك نفهم جيدا ان عقيدتهم قائمة على تكفير وقتل كل من يخالفهم واعتبارهم كفار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق